تفخر دولة الإمارات بتاريخها البحري المديد، وهي اليوم وجهة عالمية للإبحار الشراعي
تخطر بالبال مساحات الكثبان الرملية الذهبية وناطحات السحاب العملاقة عندما يرد اسم دولة الإمارات. لكن تاريخ الدولة يرتبط كذلك بالبحر. لقد ارتبط الإنسان والبحر هنا برباط وثيق. فقد نشأت كلٌ من أبوظبي ودبي في بداياتهما قريتين صغيريتين يسكنهما الصيادون. اعتمد هؤلاء على البحر مصدراً لرزقهم قبل اكتشاف النفط. اتخذ السكان من الصيد والتجارة البحرية وصيد اللؤلؤ مصدراً لكسب الرزق والتنمية.
حافظت دولة الإمارات على تراثها البحري، بل وعززته وطورته بأسلوب عصري لاجتذاب محبي الإبحار الشراعي. يتوافد السياح والمقيمون في الدول المجاورة إلى الدولة للاستمتاع بأشعة الشمس والبحر الهادئ والشواطئ الجميلة. يقام في دبي سنوياً معرض دبي العالمي للقوارب. لكن أبوظبي شهدت هذا العام النسخة الأولى من معرض أبوظبي الدولي للقوارب في أدنيك مارينا. اجتذب المعرض 20 ألف زائر خلال أربعة أيام. ليؤكد حضور دولة الإمارات القوي في أسواق الإبحار الفاخر.
تتواجد مراكز الإبحار الشراعي العصرية في دولة الإمارات في نادي زوارق شاطئ دبي، ونادي دبي البحري الدولي، ومرسى ونادي الحمرا لليخوت، ونادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت. يستضيف نادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت على مدار السنة مسابقات دورية للقوارب الشراعية المحلية، وهي رياضة شعبية مستوحاة من تاريخ المنطقة البحري. يعد الإبحار في هذه القوارب مهارة متوارثة عبر الأجيال. تستهوي هذه السباقات المشجعين لطابعها الحماسي وجمال منظر الأشرعة البيضاء وهي تشق مياه البحر الزرقاء.
أما في دبي، فيعد نادي زوارق شاطئ دبي الوجهة المثلى لمحبي الرياضات البحرية. للنادي قاعدة عريضة من المشتركين. تقتصر عضوية النادي على من يمارسون الإبحار بشكل دوري مستمر ويتم تقييمهم من خلال نظام للنقاط المكتسبة. كما يتطلب الحصول على العضوية التسجيل في قائمة الانتظار لحين وجود شاغر. أما دروس الإبحار فهي متاحة لغير الأعضاء. دخل نادي الحمرا للإبحار الشراعي إلى المشهد البحري في دولة الإمارات بقوة. يقع النادي على مسافة قصيرة سيراً من مرسى ونادي الحمرا لليخوت. واجتذب خلال عمره البالغ أقل من سنتين العديد من محبي هذه الرياضة. انتقل المقيم البريطاني فيليب ريفز إلى رأس الخيمة لإدارة النادي. ويسعى لبناء مجتمع من البحارة على مستوى الإمارة والمنطقة ككل.
يقول ريفز: زصحيح أن عمر النادي قصير، لكننا نمتلك الآن فريقاً للإبحار يشارك في المسابقات الإقليمية. وقد أقيمت هنا هذا العام نهائيات كأس الإبحار الشراعي للشباب، والتي ينظمها الإتحاد الآسيوي للإبحار الشراعي. وقد استضفنا كذلك مجموعة من المسابقات الوطنيةس.
تتميز الحمرا بكونها مكاناً مثالياً لممارسة هذه الرياضة. وذلك بسبب شواطئها الجميلة التي تأتيها رياح مواتية لدفع أشرعة القوارب. يتميز النادي بتجهيزاته وأجواءه الودودة التي تتيح لأفراد المجتمع الالتقاء والتواصل. تستهدف معظم الدروس التي يقدمها النادي فئتي الأطفال والمراهقين. كما تلقى الدروس المخصصة للبالغين إقبالاً طيباً. يتوافد المقيمون في رأس الخيمة خلال عطلات نهاية الأسبوع إلى النادي للإبحار والتواصل. ذلك أن النادي يضم قائمة طعام ومشروبات. ويزور النادي زوار من دبي أحياناً للمشاركة في مسابقات الإبحار المحلية، والتي تقام على مراحل وفي أندية مختلفة حول الإمارات خلال الموسم.
يحمل ريفز في جعبته خططاً لتنمية الإبحار الشراعي في رأس الخيمة. وذلك من خلال التعاون مع المدارس القريبة لتقديم الدروس، وتشجيع مواطني الإمارة على التسجيل لتعلم الإبحار الشراعي.
ويقول: زالإبحار الشراعي جزء هام من تاريخ وتراث دولة الإمارات، لذا يجب أن نفخر بهذا التراث ونمارسه. لذلك أسعى لاستقطاب مواطني رأس الخيمة للانضمام إلى الناديس. قد يتردد المبتدئون الذين لا يمتلكون أي خبرة بحرية في تعلم هذه الرياضة. لكن دولة الإمارات هي حقيقة الوجهة المثلى لتعلمها وممارستها. ذلك أن سرعة الرياح مواتية للسباقات والإبحار الهادئ. كما تتوفر فيها خيارات الدروس في المياه المغلقة والمفتوحة. يمتلك نادي الحمرا على سبيل المثال خوراً مغلقاً يشكل بيئة مثالية للتعليم الآمن. تجدر الإشارة إلى أن الدورات والأندية المعتمدة من اتحاد اليخوت الملكي أجدر بالاشتراك فيها. يشكل هذا الاتحاد المؤسسة الوطنية المسؤولة عن هذه الرياضة في المملكة المتحدة. يحرص الاتحاد على حصولك على تدريب يستوفي معايير الجودة والأمان.
غير بعيد من هنا، احتفظت القوارب التقليدية برونقها وعادت إلى الواجهة رمزاً للتراث، خصوصاً في سلطنة عمان. تنظم على متن هذه القوارب رحلات ترفيهية حول شبه جزيرة مسندم. تتميز مسندم بشواطئ ومضائق بديعة اكتسبت عن جدارة لقب نرويج الخليج. يمكنك الاستمتاع بتجربة على متن قارب تقليدي بأجواء راقية من سيكس سنسيز زيغي باي. لكن الكثيرين يفضلون القوارب القديمة. ينظم القائمون عليها رحلات بحرية نهارية وليلية. وبطبيعة الحال تجتذب الرحلات البحرية من يودون بالاستلقاء تحت سماء مرصعة بالنجوم وعلى صوت هدير الأمواج. تتوقف معظم هذه الرحلات في مرافئ محمية تتيح السباحة أو التجديف بقوارب الكاياك أو الغوص. قد تختار أن تبقى على متن القارب، لكنها بالتأكيد تجربة للذكرى.